أحكام الحجامة

السؤال [67] [5-14]: ما درجة صحة الحديث الذي كان ينهى عن الحجامة يوم الأربعاء، وأن نزول الداء يوم الأربعاء؟

السؤال [67] [5-14]:

ما درجة صحة الحديث الذي كان ينهى عن الحجامة يوم الأربعاء، وأن نزول الداء يوم الأربعاء؟

الجواب:

بداية أغلب المتواجدين معنا هم من المبتدئين في علم الحجامة، لذلك كان لزامًا علينا البدء بذكر الأيام الواردة في السنة، ثم أحاديث النهي ثم التعليق على أحاديث النهي.

فالوارد في السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحتجم وكان يحتجم كثيرًا، يعني حتى أن الوارد أغلب علاجات النبي عليه الصلاة والسلام كانت الحجامة، وقد صحت في السنة قرابة الأربعين حديث أن النبي عليه الصلاة والسلام احتجم وكان يثني على الحجامة، حتى أنه في حجة الوداع احتجم مرتين، وكما تعلمون بأن الحج هو عبارة عن أيام، فهذا يدل على كثرة احتجام النبي عليه الصلاة والسلام ولجوءه إلى هذا النوع من العلاجات العظيمة الكريمة التي أوصاه بها جبريل وأوصته بها الملائكة في ليلة الإسراء والمعراج.

الأيام الواردة في السنة، هي: الاثنين والثلاثاء والخميس، هذا من كل أسبوع، ومن ناحية التاريخ: سبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين، هذه الأحاديث “أحاديث التوقيت”، سواء كانت في الأيام أو في التواريخ كان السلف يضعفونها، يعني الإمام مالك والإمام أحمد وأبو حاتم من الحفاظ الكبار، كانوا يضعفون هذه الأحاديث ولا يرون صحتها.

لكن من المتأخرين الشيخ الألباني (رحمه الله) ، استقصى وجمع طرق هذه الأحاديث فصححها، أو حسن بعضها في الشواهد والمتابعات، ولذلك هذه الأحاديث يشهد لها حتى ولو كانت فيها ضعف، يشهد لها عمل السلف.

ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يتقون مثلًا حجامة يوم الأربعاء، وبالمناسبة الذين قاموا بتضعيف أحاديث التوقيت قاموا بتضعيفها من ناحية نكارة المتن، ولكن نكارة المتن يرد عليهم في هذا، يعني مثلًا قالوا: قول النبي عليه الصلاة والسلام “إن الحجامة على الريق أمثل”، وقوله: “يزيد في الحافظ حفظًا”، قالوا: هل هذه تقال من جانب النبوة، بالتأكيد يقولها النبي عليه الصلاة والسلام ولا غرابة في ذلك، يعني أن نقدح بصحة الأحاديث بناء على الرأي أو العقل، فهذا ضرب منا بالقول.

وأيضا بعضهم احتج على نكارة هذه الأحاديث بأن فيها تشاؤم، يعني يتشاءم من يوم الأربعاء، وهذا غير صحيح، النبي عليه الصلاة والسلام ثبت في الصحيح أنه أمر بتغطية الآنية “آنية الطعام”، وأنه يوم في السنة ينزل المرض ينزل البلاء، فهل هذا فيه تشاؤم؟!

وأيضا أحاديث في الصحيحين، قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من الأسد) ، هل نقول هذا فيه تشاؤم؟!

هذا ليس تشاؤمًا، بل هذا تحذير من جانب النبي عليه الصلاة والسلام حفاظًا على أرواح المسلمين، وهذا يدل على حرص النبي عليه الصلاة والسلام على جانب العافية، “اللهم إني أسألك العفو والعافية”، فالبحث عن العافية والتحذير من أي شيء يعكر هذه العافية ويصيب الجسم من المرض، هذا يتناقض مع الحكمة من التشريع، لأن الشريعة تقوم على حفظ الأبدان التي تقام فيها العبادات، يعني حتى علماء الأصول يقدمون حفظ البدن على حفظ الدين؛ لأن الدين يقام بصلاح البدن وصحة البدن، فإذا قام بهذا البدن مرض معين، قد يترتب على هذا المرض تيسير من جانب الشريعة ببعض الأشياء التي كانت ممنوعة وتباح له للضرورة.

لذلك نعود لموضوع الأربعاء، بعضهم أيضًا أنكر متن هذا الحديث بأنه خصص بعض الأيام، ويقول: “مع العلم بأن كل الأيام فيها شفاء”، وطبعًا هذا بعد بحث واستقصاء طويل أنا قمت به، يعني لماذا النبي عليه الصلاة والسلام حدد أيامًا ونهى عنها، وحدد أيامًا أثنى عليها، وخصوصًا يوم الخميس، يقول: “فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس تحريًا”، لماذا النبي عليه الصلاة والسلام يأمر بأيام، مع أن كل الأيام لو احتجم فيها الشخص فتجده يتعافى، غالبًا يتعافى؟!

 لي تعليقان على هذا الأمر:

أولاً: قد يراد به البركة، وأصح ما توصلت إليه في هذا الموضوع مع تأمل النصوص والنظر فيها، أن المقصود فيها البركة، والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس تحريًا”، وهذه الأيام أيام مباركة.

ثانياً: أيام النهي، قد البعض يورد عليها بأن الكثير احتجم يوم الأربعاء ولم يصب بأذى، فيرد على هذا أنه قد يصاب مع تكرار هذا الشيء، قد يصادف يومًا من الأيام فيمرض، بسبب الحجامة في يوم الأربعاء، حتى أنه ورد في بعض الكتب أن بعض الأشخاص استهان بحديث الأربعاء فأصيب بالبرص، هذه تذكر في بعض الكتب التي تعتني بالآثار.

وأنت الآن كمعالج بالحجامة رتب أمورك على الشكل التالي:

الشخص الذي يأتيك إذا كان مريضًا أو مشغولًا أو على سفر، وبعض الأشخاص لا يستطيع الحجامة إلا يوم الجمعة أو السبت، فهذا احجمه أي وقت شاء.

النبي عليه الصلاة والسلام يقول: “إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحتجم”، لم يقل فليحتجم يوم كذا، إذن المريض يستثنى من هذه القاعدة، بينما غير المريض المعافى فحاول أن تلزمه بهذه الأيام، الاثنين والثلاثاء والخميس، سبعة عشر وتسعة عشر وإحدى وعشرين.

وأنا مع صحة وتحسين هذه الأحاديث والعمل بها لكن ضمن الضوابط التي ذكرتها.

أضف تعليق